تشهد منطقة جنوب آسيا تصاعداً خطيراً في التوترات السياسية والعسكرية بين الهند وباكستان على خلفية هجوم دموي وقع مؤخراً في منطقة باهالغام بإقليم كشمير، أسفر عن مقتل 26 شخصاً.

وبينما تتبادل نيودلهي وإسلام آباد الاتهامات، تدخلت الولايات المتحدة عبر سلسلة اتصالات دبلوماسية بهدف احتواء الأزمة ومنع انزلاق المنطقة نحو مواجهات مسلحة جديدة.

الجيش الباكستاني يرفع نبرة التحذير: ملتزمون بالسلام لكننا مستعدون للرد

في تصريح لافت، أكد قائد الجيش الباكستاني الجنرال عاصم منير اليوم الخميس أن بلاده “لا تزال ملتزمة بالسلام الإقليمي”، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن القوات المسلحة الباكستانية “مستعدة لحماية المصالح الوطنية”.

ووجه منير تحذيراً مباشراً للهند، قائلاً: “أي مغامرة عسكرية من جانب الهند سنقابلها برد سريع وحاسم وحازم”.

ويأتي هذا التصريح بعد سلسلة من التلميحات الإعلامية الهندية التي ألمحت إلى احتمال شن ضربات انتقامية ضد أهداف تزعم أنها مرتبطة بجماعات مسلحة في باكستان، في أعقاب الهجوم الذي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه حتى الآن.

دعم أمريكي للهند وسط دعوات للتهدئة

في المقابل، نقل وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ عن نظيره الأمريكي بيت هيغسيث تأكيده دعم واشنطن “القوي والثابت للهند في حربها ضد الإرهاب”، مشدداً على “حق الهند في الدفاع عن نفسها”، وفقاً لتصريحات سينغ.

ولم يكن هذا التصريح الوحيد الصادر عن الجانب الأمريكي، فقد أجرى وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو اتصالات هاتفية منفصلة مع كل من وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار ورئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، في محاولة لاحتواء الأزمة.

جايشانكار: لا بد من محاسبة مرتكبي الهجوم

من جانبه، شدد وزير الخارجية الهندي جايشانكار خلال حديثه مع روبيو على ضرورة محاسبة الأطراف التي تقف خلف الهجوم، وكتب في منشور له على منصة “إكس” (تويتر سابقاً): “ناقشنا أمس مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو هجوم باهالغام، ينبغي محاسبة مرتكبيه ومنظميه”.

وترى الهند أن جماعات متشددة تتخذ من باكستان مقراً لها تقف خلف الهجوم، وهو اتهام ترفضه إسلام آباد، التي تنفي باستمرار تقديم أي دعم لمسلحين في كشمير.

روبيو يدعو لتحقيق مشترك وضبط النفس بين الهند وباكستان

في بيان صادر عن الخارجية الأمريكية، قالت المتحدثة باسم الوزارة تامي بروس إن الوزير روبيو شدد خلال اتصاله مع رئيس الوزراء الباكستاني على ضرورة “التنديد بالهجوم الإرهابي الذي وقع في 22 أبريل في باهالغام”، ودعا السلطات الباكستانية إلى التعاون الكامل في إجراء تحقيق شفاف حول ملابساته.

وفي مكالمة منفصلة مع جايشانكار، أعرب روبيو عن تعازيه للهند، مؤكداً التزام واشنطن بالتعاون مع نيودلهي في مكافحة الإرهاب.

لكنه في الوقت ذاته، دعا الطرفين إلى ضبط النفس والعمل المشترك من أجل تهدئة الوضع، قائلاً إن “الولايات المتحدة تشجع الهند على العمل مع باكستان لاحتواء التوترات والحفاظ على السلم والأمن في جنوب آسيا”.

اقرأ أيضًا.. طبول الحرب تدق أبواب الهند وباكستان.. ومحاولات دولية لتجنب الصدام النووي

المخاوف من انفجار جديد بين الهند وباكستان في كشمير

يأتي هذا التوتر في ظل وضع أمني هش ومستمر في إقليم كشمير، الذي تتقاسمه الهند وباكستان وتتنازعان السيادة عليه منذ عقود. وتاريخياً، كانت المنطقة مسرحاً لعدة حروب ونزاعات مسلحة، فضلاً عن توترات حدودية متكررة تشعلها هجمات متطرفة أو تصعيدات عسكرية متبادلة.

ويرى مراقبون أن تصريحات المسؤولين الرفيعة في كلا البلدين، إلى جانب التدخل الأمريكي السريع، يعكس حساسية الوضع وقلق المجتمع الدولي من احتمالية اندلاع مواجهة عسكرية جديدة بين دولتين تمتلكان السلاح النووي.

ورغم التوتر الظاهر في التصريحات، تبدو الجهود الدبلوماسية جارية على قدم وساق لمنع التصعيد.

وتؤكد مصادر دبلوماسية أن واشنطن، إلى جانب عواصم إقليمية أخرى، تضغط في اتجاه فتح قنوات تواصل مباشرة بين نيودلهي وإسلام آباد، لتجنب الانزلاق نحو ردود فعل قد تؤدي إلى نتائج كارثية على المنطقة برمتها.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط